{حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)}قوله تعالى: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}. تقدم الكلام فيه.وقيل: {حم} قسم. {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ} قسم ثان، ولله أن يقسم بما شاء. والجواب {إِنَّا جَعَلْناهُ}.وقال ابن الأنباري: من جعل جواب {وَالْكِتابِ} {حم}- كما تقول نزل والله وجب والله- وقف على {الْكِتابِ الْمُبِينِ}. ومن جعل جواب القسم {إِنَّا جَعَلْناهُ} لم يقف على {الْكِتابِ الْمُبِينِ}. ومعنى {جَعَلْناهُ} أي سميناه ووصفناه، ولذلك تعدى إلى مفعولين، كقوله تعالى: {ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103].وقال السدي: أي أنزلناه قرآنا. مجاهد: قلناه. الزجاج وسفيان الثوري: بيناه. {عَرَبِيًّا} أي أنزلناه بلسان العرب، لان كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه، قاله سفيان الثوري وغيره.وقال مقاتل: لان لسان أهل السماء عربي.وقيل: المراد بالكتاب جميع الكتب المنزلة على الأنبياء، لان الكتاب اسم جنس فكأنه أقسم بجميع ما أنزل من الكتب أنه جعل القرآن عربيا. والكناية في قوله: {جَعَلْناهُ} ترجع إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة، كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]. {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي تفهمون أحكامه ومعانيه. فعلى هذا القول يكون خاصا للعرب دون العجم، قاله ابن عيسى.وقال ابن زيد: المعنى لعلكم تتفكرون، فعلى هذا يكون خطابا عاما للعرب والعجم. ونعت الكتاب بالمبين لان الله بين فيه أحكامه وفرائضه، على ما تقدم في غير موضع.